فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فإن قيل: لم لا يجوز أن يقال: إنه لا يجوز منهم فعل القبيح، إذا كانوا عقلاء إلا أنا نقول: لم لا يجوز أن يقال: إنه وقع منهم هذا الكذب لأنهم لما عاينوا أهوال القيامة اضطربت عقولهم، فقالوا: هذا القول الكذب عند اختلال عقولهم، أو يقال: إنهم نسوا كونهم مشركين في الدنيا.
والجواب عن الأول: أنه تعالى لا يجوز أن يحشرهم: ويورد عليهم التوبيخ بقوله: {أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمْ} [الأنعام: 22] ثم يحكي عنهم ما يجري مجرى الاعتذار مع أنهم غير عقلاء، لأن هذا لا يليق بحكمة الله تعالى، وأيضًا فالمكلفون لابد وأن يكونوا عقلاء يوم القيامة، ليعلموا أنهم بما يعاملهم الله به غير مظلومين.
والجواب عن الثاني: أن النسيان: لما كانوا عليه في دار الدنيا مع كمال العقل بعيد لأن العاقل لا يجوز أن ينسى مثل هذه الأحوال، وإن بعد العهد، وإنما يجوز أن ينسى اليسير من الأمور ولولا أن الأمر كذلك لجوزنا أن يكون العاقل قد مارس الولايات العظيمة دهرًا طويلًا، ومع ذلك فقد نسيه، ومعلوم أن تجويزه يوجب السفسطة.
الحجة الثانية: أن القوم الذين أقدموا على ذلك الكذب إما أن يقال: إنهم ما كانوا عقلاء أو كانوا عقلاء، فإن قلنا إنهم ما كانوا عقلاء فهذا باطل لأنه لا يليق بحكمة الله تعالى أن يحكي كلام المجانين في معرض تمهيد العذر، وإن قلنا إنهم كانوا عقلاء فهم يعلمون أن لله تعالى عالم بأحوالهم، مطلع على أفعالهم ويعلمون أن تجويز الكذب على الله محال، وأنهم لا يستفيدون بذلك الكذب إلا زيادة المقت والغضب وإذا كان الأمر كذلك امتنع إقدامهم في مثل هذه الحالة على الكذب.
الحجة الثالثة: أنهم لو كذبوا في موقف القيامة ثم حلفوا على ذلك الكذب لكانوا قد أقدموا على هذين النوعين من القبح والذنب وذلك يوجب العقاب، فتصير الدار الآخرة دار التكليف، وقد أجمعوا على أنه ليس الأمر كذلك، وأما إن قيل إنهم لا يستحقون على ذلك الكذب، وعلى ذلك الحلف الكاذب عقابًا وذمًا، فهذا يقتضي حصول الإذن من الله تعالى في ارتكاب القبائح والذنوب، وأنه باطل، فثبت بهذه الوجوه أنه لا يجوز إقدام أهل القيامة على القبيح والكذب.
وإذا ثبت هذا: فعند ذلك قالوا يحمل قوله: {والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} أي ما كنا مشركين في اعتقادنا وظنوننا، وذلك لأن القوم كانوا يعتقدون في أنفسهم أنهم كانوا موحدين متباعدين من الشرك.
فإن قيل: فعلى هذا التقدير: يكونون صادقين فيما أخبروا عنه لأنهم أخبروا بأنهم كانوا غير مشركين عد أنفسهم، فلماذا قال الله تعالى: {انظر كَيْفَ كَذَبُواْ على أَنفُسِهِمْ} ولنا أنه ليس تحت قوله: {انظر كَيْفَ كَذَبُواْ على أَنفُسِهِمْ} أنهم كذبوا فيما تقدم ذكره من قوله: {والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} حتى يلزمنا هذا السؤال بل يجوز أن يكون المراد انظر كيف كذبوا على أنفسهم في دار الدنيا في أمور كانوا يخبرون عنها كقولهم: إنهم على صواب وإن ما هم عليه ليس بشرك والكذب يصح عليهم في دار الدنيا، وإنما ينفى ذلك عنهم في الآخرة، والحاصل أن المقصود من قوله تعالى: {انظر كَيْفَ كَذَبُواْ على أَنفُسِهِمْ} اختلاف الحالين، وأنهم في دار الدنيا كانوا يكذبون ولا يحترزون عنه وأنهم في الآخرة يحترزون عن الكذب ولكن حيث لا ينفعهم الصدق فلتعلق أحد الأمرين بالآخر أظهر الله تعالى للرسول ذلك وبين أن القوم لأجل شركهم كيف يكون حالهم في الآخرة عند الاعتذار مع أنهم كانوا في دار الدنيا يكذبون على أنفسهم ويزعمون أنهم على صواب.
هذا جملة كلام القاضي في تقرير القول الذي اختاره أبو علي الجبائي.
والقول الثاني: وهو قول جمهور المفسرين أن الكفار يكذبون في هذا القول قالوا: والدليل على أن الكفار قد يكذبون في القيامة وجوه:
الأول: أنه تعالى حكى عنهم أنهم يقولون {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظالمون} [المؤمنون: 107] مع أنه تعالى أخبر عنهم بقوله: {وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ} [الأنعام: 28] والثاني: قوله تعالى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ الله جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ على شيء أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الكاذبون} [المجادلة: 18] بعد قوله: {وَيَحْلِفُونَ عَلَى الكذب} [المجادلة: 14] فشبّه كذبهم في الآخرة بكذبهم في الدنيا.
والثالث: قوله تعالى حكاية عنهم {قَالَ قَائِلٌ مّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} [الكهف: 19] وكل ذلك يدل على إقدامهم في بعض الأوقات على الكذب.
والرابع: قوله حكاية عنهم {وَنَادَوْاْ يا مالك مالك لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: 77] وقد علموا أنه تعالى لا يقضي عليهم بالخلاص.
والخامس: أنه تعالى في هذه الآية حكى عنهم أَنَّهُمْ قَالُواْ: {والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} وحمل هذا على أن المراد ما كنا مشركين في ظنوننا وعقائدنا مخالفة للظاهر.
ثم حمل قوله بعد ذلك {انظر كَيْفَ كَذَبُواْ على أَنفُسِهِمْ} على أنهم كذبوا في الدنيا يوجب فك نظم الآية، وصرف أول الآية إلى أحوال القيامة وصرف آخرها إلى أحوال الدنيا وهو في غاية البعد.
أما قوله إما أن يكونوا قد كذبوا حال كمال العقل أو حال نقصان العقل فنقول: لا يبعد أن يقال إنهم حال ما عاينوا أهوال القيامة، وشاهدوا موجبات الخوف الشديد اختلت عقولهم فذكروا هذا الكلام في ذلك الوقت وقوله: كيف يليق بحكمة الله تعالى أن يحكى عنهم ما ذكروه في حال اضطراب العقول، فهذا يوجب الخوف الشديد عند سماع هذا الكلام حال كونهم في الدنيا ولا مقصود من تنزيل هذه الآيات إلا ذلك.
وأما قوله ثانيًا المكلفون لابد أن يكونوا عقلاء يوم القيامة فنقول: اختلال عقولهم ساعة واحدة حال ما يتكلمون بهذا الكلام لا يمنع من كمال عقولهم في سائر الأوقات.
فهذا تمام الكلام في هذه المسألة والله أعلم. اهـ.

.قال الماوردي:

{إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} تبدأوا بذلك من شركهم، فإن قيل: كيف كذبوا في الآخرة بجحود الشرك ولا يصح منهم الكذب في الآخرة لأمرين:
أحدهما: أنه لا ينفعهم.
والثاني: أنهم مصروفون عن القبائح ملجؤون إلى تركها لإِزالة التكليف عنهم، ولو لم يلجؤوا إلى ترك القبيح ويصرفوا عنه مع كما عقولهم وجب تكليفهم ليقلعوا به عن القبيح، وفي عدم تكليفهم دليل على إلجائهم إلى تركه.
قيل: عن ذلك جوابان.
أحدهما: أن قولهم: {وَاللَّهِ رَبِّنا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} أي في الدنيا عند أنفسنا لاعتقادنا فيها أننا على صواب، وإن ظهر لنا خطؤه الآن، فلم يكن ذلك منهم كذبًا، قاله قطرب.
والثاني: أن الآخرة مواطن، فموطن لا يعلمون ذلك فيه ولا يضطرون إليه، وموطن يعلمون ذلك فيه ويضطرون إليه، فقالوا ذلك في الموطن الأول، قاله بعض متأخري المتكلمين.
وهذا ليس بصحيح لأنه يقتضي أن يكونوا في الموطن الأول مكلفين لعدم الإِلجاء والاضطرار، وفي الموطن الثاني غير مكلفين.
وقد يعتل الجواب الأول بقوله تعالى بعد هذه الآية: {انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ} فأخبر عنهم بالكذب، وهم على الجواب الأول غير كاذبين.
وقد أُجِيب عن هذا الاعتراض بجواب ثالث، وهو أنهم أنكروا بألسنتهم، فلما نطقت جوارحهم أقروا، وفي هذا الجواب دخل لأنه قد كذبوا نُطْقَ الجوارح.
{وَضَلَّ عَنهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} فيه وجهان:
أحدهما: بسوء كذبهم وجحودهم.
والثاني: فضلت عنهم أوثانهم التي افتروا على الله بعبادتها، والافتراء: تحسين الكذب. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23)}.
هذا الذي أخبر عنهم غايةُ التمرد؛ حيث جحدوا ما كَذبُوا فيه وأقسموا عليه، ولو كان لهم بالله عِلمٌ بأنه يعلم سِرَّهم ونجواهم، ولا يخفى عليه شيءٌ من أُولاَهم وعُقباهم، لكن الجهل الغالب عليهم استنطقهم بما فيه فضائحهم. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

والفَتْن: الفَنّ، والحال، والإِحراق.
ومنه قوله تعالى: {عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ}.
والمفتون والفِتْنة: الخِبْرة، مصدر كالمعقول والمجلود.
ومنه قوله تعالى: {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ}.
والفِتْنَة أَيضًا: إِعجابك بالشيء، فَتَنَهُ يفْتِنه فَتْنًا وفُتُونًا، وأَفتنه.
وأَصل الفتنة إِدخال الذَّهبِ النارَ ليُخْتَبَر جودته، والجمع: فِتَن، قال:
وفيك لنا فِتن أَرْبعٌ ** تسُلّ علينا سيوف الخوارج

لِحاظُ الظِّباء وطوق الحمام ** ومشىُ القِباجِ وزىُّ التَّدارج

وقد ورد في القرآن على اثنى عشر وجهًا:
(1) بمعنى العذاب: {ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ}.
(2) وبمعنى الشِّرك: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ}.
(3) وبمعنى الكفر: {لَقَدِ ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ}، {مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ}، {وَلَاكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ} أي كفرتم.
(4) وبمعنى الإِثم: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} أي إِثم، {وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ} في الإِثم.
(5) وبمعنى العذاب: {مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ} أي عُذِّبوا.
(6) وبمعنى البلاءِ والمِحْنَة: {أَن يَقُولُواْ آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ} أي يُبْتَلُونَ، {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ}: امتحنَّاهُمْ، {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} أي بلوناك.
{وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ} أي ابتليناهم.
(7) وبمعنى التعذيب والحُرقة: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُواْ الْمُؤْمِنِينَ} أي عذَّبوهم، {ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ}: حُرَقكم.
(8) وبمعنى القتل والهلاك: {إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ} أي يقتلكم، {عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ} أي يقتلهم.
(9) وبمعنى الصدّ عن الصراط المستقيم: {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ}، {وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ} أي يصدّوكَ.
وقيل: يوقعوك في بليّة وشدّة في صرفهم إِيّاك عمّا أُوحى إِليك.
(10) وبمعنى الحَيرة والضَّلال: {مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ} أي بضالِّين، {وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ} أي ضلالته.
(11) وبمعنى العُذْر وَالعِلّة: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ} أي عذرهم.
(12) وبمعنى الجنون والغفلة: {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ} أي الجنون.
وقيل التقدير: أَيكم المفتون والباء زائدة كقوله: {وَكَفَى بِاللَّهِ}.
والفتنة والبلاءُ يستعملان فيما يُدفع إليه الإِنسان من شدّة ورخاء.
وهما في الشدّة أَظهر معنى وأَكثر استعمالًا.
وقوله تعالى: {أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ} إِشارة إِلى ما قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ}.
والفتنة من الأَفعال التي تكون من الله تعالى، ومن العبد؛ كالبليّة والمصيبة، والقتل، والعذاب ونحوه من الأَفعال المكروهة.
ومتى كان من الله إِنَّما يكون على وجه الحكمة، ومتى كان من الإِنسان بغير أَمر الله يكون ضدّ ذلك. اهـ.

.من فوائد ابن الجوزي في الآية:

قال رحمه الله:
قوله تعالى: {ثم لم تكن فتنتهم} قرأ ابن كثير، وابن عامر، وحفص عن عاصم {ثم لم تكن} بالتاء {فتنتُهم} بالرفع.
وقرأ نافع، وأبو عمرو، وأبو بكر، عن عاصم: {تكن} بالتاء أيضا {فتنتَهم} بالنصب؛ وقد رُويت عن ابن كثير ايضًا.
وقرأ حمزة، والكسائي، {يكن} بالياء، {فتنتَهم} بالنصب.
وفي الفتنة أربعة أقوال:
أحدها: أنها بمعنى: الكلام والقول.
قال ابن عباس، والضحاك، لم يكن كلامُهُم.
والثاني: أنها المعذرة، قال قتادة، وابن زيد: لم تكن معذرتهم.
قال ابن الأنباري: فالمعنى: اعتذروا بما هو مُهْلِكٌ لهم، وسبب لفضيحتهم.
والثالث: أنها بمعنى: البلية.
قال عطاء الخراساني: لم تكن بليتهم وقال ابو عبيد: لم تكن بليتهم التي ألزمتهم الحجة، وزادتهم لائمة.
والرابع: أنها بمعنى الافتتان.
والمعنى: لم تكن عاقبة فتنتهم.
قال الزجاج: لم يكن افتتانهم بشركهم، وإقامتهم عليه، إلا أن تبرؤوا منه.
ومثل ذلك في اللغة أن ترى إنسانا يحب غاويًا، فاذا وقع في هَلَكَةٍ تبرأ منه؛ فيقول ما كانت محبتك لفلان إِلا أن انتفيت منه.
قال: وهذا تأويل لطيف، لا يعرفه إلا من عرف معاني الكلام، وتصرُّفَ العربِ في ذلك.
وقال ابن الأنباري: المعنى: أنهم افتتنوا بقولهم هذا، إذا كذبوا فيه، ونفوَا عن أنفسهم ما كانوا معروفين به في الدنيا.
قوله تعالى: {إلا أن قالوا واللهِ ربِّنا ما كنا مشركين}.
قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر: {واللهِ ربِّنا} بكسر الباء، وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف، بنصب الراء.
وفي هؤلاء القوم الذين هذا وصفهم قولان:
أحدهما: أنهم المشركون، والثاني: المنافقون.
ومتى يحلفون؟ فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: إذا رأوا أنه لا يدخل الجنة إلا من كان مسلمًا، قالوا: تعالوا نكابر عن شركنا، فحلفوا، قاله ابن عباس.
والثاني: أنهم إذا دخلوا النار، ورأوا أهل التوحيد يخرجون، حلفوا واعتذروا، قاله سعيد بن جبير، ومجاهد.
والثالث: أنهم إذا سئلوا: أين شركاؤكم؟ تبرؤوا، وحلفوا: ما كنا مشركين، قاله مقاتل. اهـ.